الإمام مالك في الموطأ على كراهة صيام ستة من شوال، ونصه: =قال يحيى: وسمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر

 

من رمضان: إنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وإنَّ أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون

 

بدعته، وأن يُلحِق برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة والجفاء، لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم، ورأوهم يعملون ذلك+([1])

 

.

وتتابعت كتب المذهب ومختصراته على النص على كراهة صيامها([2])؛ إلا أن الموجود في كتب المتأخرين كراهة صيامها في صورة

 

معينة، وهي كما يقول عبد الباقي: =لمقتدى به، متصلة برمضان، متتابعة، وأظهرها، معتقدا سنة اتصالها؛ فإن انتفى قيد من هذه

 

الأربع لم تكره+([3]). ونظمتها كما جاءت في الشرح الغير وحاشيته بلغة السالك زمن الدراسة

 

:

كراهة الصيام في شوال & أي ستة مشروطة بالتالي

 

 

فالوصل في النفس كذا بالعيد & ومقتدى به فخذ تحديدي

 

 

وهذه القيود فهمها القاضي عياض من قول مالك السابق؛ فقال: =ويحتمل أن كراهة ما كره من ذلك وأخبر أنه غير معمول به اتصال

 

هذه الأيام برمضان إلا فصل يوم الفطر؛ فأما لو كان صومها في شوال من غير تعيين ولا اتصال أو مبادرة ليوم الفطر فلا، وهو ظاهر

 

كلامه بقوله: =في صيام ستة أيام بعد الفطر++([4])، وقال ابن العربيّ: =وَصْل الصوم بأوائل شوال مكروه جدا؛ لأن الناس صاروا

 

يقولون تشييع رمضان، وكما لا يتقدم لا يشيع+([5])

 

.

وأراد المتأخرون بهذه القيود التي وضعوها للمسألة تضييق دائرة المخالفة للحديث ما أمكن؛ وأعانهم على ذلك فهم مقصد مالك من

 

قوله في كلامه السابق: =وإنَّ أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يُلحِق برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة والجفاء+؛ قال

 

مطرف: =وإنما كره مالك صيامها لئلا يلحق أهل الجهل ذلك برمضان؛ وأما من رغب في ذلك لما جاء فيه فلم يَنْهَه+([6])، فرأوا أن هذه

 

الصورة التي تكونت بهذه القيود مظنة لوقوع ما خشي منه مالك([7])

 

.

كما أنهم فهموا من الحديث أن صيام هذه الأيام مع رمضان يعدل صيام الدهر؛ الحسنة بعشر أمثالها؛ فرمضان بعشَرة أشهر، وستة أيام

 

بشهرين؛ فقالوا سواء صامها في شوال أو غيره، حصل له ذلك؛ وإنما ذكر شوال في الحديث للتخفيف عن المكلف لقربه من رمضان،

 

وقد تعود الصوم، ولذا رأى بعض المالكية أنه لو صامها في عشر ذي الحجة لحاز فضيلة صيام هذه الأيام، وسلم مما خشي منه مالك.

تعليقات فايسبوك